"أحلى وردة"

المستقبل - الخميس 5 حزيران 2008 - العدد 2978 - شباب - صفحة 11

ما اجملك يا بيروت وما اقواك. ما اجمل بيوتك الصامدة. يوم عرسك الذي اتى على غفلة بعد انتظار طويل ومر كانت الدهشة واضحة على وجوه ابنائك. توقف اطلاق النار وانسحب الدخان الأسود. انتخب الرئيس وعاد الوسط التجاري الى ما كان عليه. اصحاب المطاعم والمقاهي اعادهم الأمل. فالإستثمارات في الخارج لا تريحهم. البعض يقول "تعودنا وكنا عارفين ان البلد رح يظبط"
والبعض تنفس الصعداء بعد اقفال مرعب كبّده الكثير من الخسائر. اما المحلات التجارية التي تزينت في ذلك اليوم فاستعادت حيويتها وشبابها فعرضت اجمل ما عندها من سلع ومن موظفات ضاحكات طوال الوقت فرحات بالعودة الى العمل. اكثر ما تسمعه اليوم في بيروت كلمة مبروك. يقولونها بالفم الملآن وبفرحة عظيمة. تكاد تسمعها اكثر من الأجانب والسياح والطلاب العرب. بعض هؤلاء لم يغادر لبنان طوال الأحداث الأخيرة. بل بقي في المدينة التي اعطته اجمل ما عندها واثمن ما تملك. هذا يؤكد مرة اخرى في انها منارة الشرق. عاصمة الثقافة والفن التي لا ترتاح مسارحها ولو في اصعب الظروف. "بيروت احلى وردة" يقول ابو رشيد وهو يقدم لي وردة ليلة عرس المدينة. وابو رشيد بائع ورود عتيق يعرف شوارع العاصمة وزواياهاواسرارها. "الكل مبسوط بس انا اكتر واحد" لماذا؟ لأن ابو رشيد توقف عن العمل منذ بداية الإعتصام في السنة الماضية. "المطاعم والشركات عندها فروع كثيرة او رأسمال يمكن ان تعيش منه. الموظفون يستطيعون العمل في مناطق اخرى. اما انا فهذه منطقتي وهذه وظيفتي وهنا ابيع الورود. لمن ابيع الورود طالما كان الوسط ميت؟ حاولت اللجوء الى مناطق اخرى ولكن تعرفين اننا نحن البيّاعين نقسم المناطق بيننا، البعض اعتبر انني اتعدى على منطقته. عملنا كتير مشاكل. عندها تخليت عن وظيفتي وبدأت بجمع الكرتون عن الطريق وقناني البيرة من براميل النفايات وبيعها. اليوم عند اعادة افتتاح الوسط التجاري استعدت وظيفتي ووزعت مجانا 50 وردة. انا اكيد اكتر واحد مبسوط بين كل الموجودين..".اكثر من فرح باستعادة بيروت هي بيروت نفسها. من يعرفها يعرف انها المدينة التي لا تموت ويعرف اكثر انها مدينة لا تشيخ. عاد ابو رشيد ليقدم لي مرة اخرى وردة حمراء وقال: "لما شوف اثنين عشاق مختلفين اتدخل ووردتي تصالحهم وبيروت مثلي، من رشقها بالرصاص تصالحه بالورود".

No comments:

Post a Comment