الدراجات النارية وسيلة نقل وقتل وتشليح وتشبيح


المستقبل - الاثنين 26 نيسان 2010 - العدد 3635 - تحقيقات - صفحة 10

    في كلّ مرة تقع حادثة نشل او شغب او حتى قتل تدخل الدراجات النارية دائرة    الاتهام على قاعدة ان "جسمها لبّيس" لمثل هذه الأعمال بعدما وجد فيها البعض خير وسيلة لإنجاز "المهمات السريعة "والكر والفر بعيداً من متناول القوى الأمنية وملاحقيها. مهمات كان آخرها منذ يومين الاعتداء على المدير العام للطيران المصري في منطقة بئر حسن التي اعادت قضية الدراجات النارية وقوننتها الى الواجهة لحماية من عليها ومن امامها من خطرها.
على طريق "الموت غير شكل" تسير "الموتوات" فوق القانون فتستنزف أعصاب اللبنانيين وتزرع الرعب في قلوب المارة وتحصد سنوياً 200 شاب في ريعان العمر وترسل مثلهم الى العناية الفائقة او الى كرسي متحرك أو غيره. هذه الدراجات باتت مثل قميص عثمان، وهي وإن إستثني منها البعض القليل الشرعي (35 الفاً) تبقى النسبة الأكبر غير الشرعية (350 الفا) تسرح وتمرح في الشوارع على هواها من دون اوراق ثبوتية تعرف عن مصدرها او حتى تاريخ دخولها السير في لبنان.لا يخيفها رجل أمن ولا يردعها قرار وزير او حتى قانون من تجاوز الضوء الأحمر والسير عكس التيار واستباحة الارصفة المخصصة للمشاة في عين الشمس كما في الظلمة و"على عينك يا شرطي"، ناهيك عن هديرها الذي يطبل الأذنين ويلوث السمع. هذا ولا يتوقف خطر الدراجات عند تهديد سلامة الناس وإقلاق راحتهم، اذ يتعدّاه الى خطر يقع على ركابها أنفسهم وينقلب معه السحر على الساحر خصوصاً مع عدم التزام معظمهم الخوذ الواقية التي تخفف من الوفاة بنسبة 75%، واستهتارهم بأدنى بنود قوانين السلامة العامة وتفننهم بالألعاب البهلوانية التي يمارسها الكثيرون معرضين حياتهم وحياة الآخرين للموت السريع. والمفارقة انه في حال وقوع أي حادث تبرّأ ساحة الدراجة اوتوماتيكياً عملاً بمنطق العرف السائد بان "الحق دائماً على السيارة"،علماً ان القانون واضح بهذا الشأن لجهة تحميل المسؤولية للمخالف أياً كان.
وزارة الداخلية تحاول ضبط الوضع و"تهز العصا" بحملات مفاجئة وحواجز طيارة وقد سجلت منذ أوائل العام 2009 وحتى آذار الفائت 24800 حالة حجز أتلف منها 4 آلاف دراجة في الأشهر المنصرمة. حملات لا تتعدى عند المعنيين "فورة موسمية لا تلبث ان تنطفئ وتندثر"،الامر الذي يبرّره رئيس مفرزة سير بيروت العقيد محمد الأيوبي بالنقص الحاد في عديد شرطة السير الذي لا يتجاوز ال 600 عنصر موزعين على الاراضي اللبنانية كافة.

وفيما تبقى الحلول الجذرية معلّقة بمشروع قانون السير الجديد الذي تتم مناقشته في مجلس النواب ويفرد بنود كثيرة لظبط فوضى الدراجات لعلّ أهمها سدّ زاروب الاستيراد الذي يرفد السير في لبنان بالخردة منها ورفع الغرامات على المخالفات، تعمل قوى الأمن الداخلي وبموجب القرار الرقم 22 الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء على تلف غير الشرعي منها وقد شكلت لجنتين لاعادة دراسة المرسوم الرقم 780 المتعلق بالية الحجز والتلف. وفي الموازاة يعمل تجمع اليازا على مؤازرتها بمشاريع مدروسة يقدمها الى المعنيين وحملات توعوية في المدارس والجامعات لتعريف الطلاب على خطورة الدراجات النارية وثقافة المرور المفتقدة عند معظم اللبنانيين.

في الليل كما في النهار تنغل الدراجات النارية في الشوارع والزواريب وبين السيارات .مثلها مثل الذباب تحطّ هنا وتطير هناك مجتاحة الارصفة والوسطيات هرباً من عجقة سير تسد الطريق ومن عيون الحواجز الطيارة التي إذا حطت في الشوارع الرئيسة للمدينة فانها قلّما تدخل الضواحي والطرق الداخلية. في لبنان كثيرة هي الدراجات التي تحوّلت عن وظيفتها ،القائمة أساسا على كونها وسيلة نقل فردية لقضاء حاجة ما ،لتتحوّل الى وسيلة لنقل عائلة عند البعض لا يقيّدها زمان ولا حتى مكان ولا حتى قانون. وكما للبيت تصلح الدراجة ايضا في اطار العمل بحيث يستخدمها البعض لنقل بضاعة قد يتخطى وزنها الحمولة المفترضة لها اختصاراً للوقت والمصروف وحتى لو اضطره الامر الى الذهاب والإياب مرات عدّة لاتمام المهمّة. الطرقات في لبنان تنضح بكثير من القصص حول دراجات تسير فوق القانون وتتسبب بحوادث تنتهي بموت احد المواطنين .قصص لم يعد اللبناني بغريب عنها وهو المجبر على "تذوق" طعم ازعاجها وهو في عقر داره فكيف بحاله اذا ما نزل على الطريق.

كلّو بواحد
هم "ملوك الطريق"، "وما في قانون بيمشي علينا" ، اما شرطة السير " كلن أصحابنا". هكذا يختصر الشاب الملقب بـ "أبو حلقة" سيرته الذاتية في قيادة الدراجة النارية او "الموتسيك" كما يلفظها. اما عن سنوات خبرته فتتجاوز نصف عمره البالغ سبعة عشر عاما. يتكلم عن دراجته على انها جزء من شخصيته ورفيقته الدائمة على الرغم من شيخوختها الظاهرة، لكنها " بتلبّي وزيادة". تكاد تكون موجودة في جميع تفاصيل حياته. هي وسيلته الوحيدة للتنقل، للعمل، لنقل البضائع والأغراض التي تطلبها الوالدة، للتسلية، للمباراة والسبق، و"لشدّ البنات".
يعترف ابو حلقة ان دراجته غير قانونية، فلا أوراق ثبوتية لها وهي غير مسجّلة كما أن حالتها الميكانيكية يرثى لها، وهو في الأساس سائق غير شرعي بسبب عدم بلوغه السن القانوني. هي ليست الدراجة الأولى التي يمتلكها ابو حلقة، فقد سبقها عشرات غيرها لم تفلح في الإفلات من أيدي رجال الأمن المتشددين كما يصفهم. "بس ما في مشكلة، يحجزونها من هنا وأشتري أخرى في اليوم نفسه من هناك"، فخمسون الف ليرة وحتى أقل كافية لشراء دراجة "بتمشّي الحال". ويستطرد ابو حلقة ليشير الى ان "مش مين ما كان بيعرف كيف يقود موتسيك" فسنوات الخبرة أكسبته الشطارة الضرورية لمخالفة قانون السير بكل ذكاء. ومن الضروري ان "يمتلك صاحب الدراجة روح النكتة كي يكسب حب بعض رجال الأمن اللّي صاروا أصحابي". هذا هو السر كما يقول أبو حلقة " تعرف كيف تساير لا ان تلجأ الى الطريقة التقليدية المتبعة في إجراء إتصال هاتفي لأحد النافذين لإنقاذ الموتسيك من الحجز. هيدا بيكون الحل الأخير إذا شرطي السير كان عنيد".

بين التجربة والاحتراف
لا تقف مغامرات أبو حلقة عند هذا الحد، بل تتعداه الى أعمال النشل المشهورة. غير انه يشدِّد على انه ليس سارقا محترفا، لكنه جرَّب الامر ولمرة واحدة بدافع الحشرية. " تعرّفت على احد النشّالين المحترفين وقمت بجولة معه في شارع الحمرا ونشلنا حقيبة إمرأة عجوز". لا يعتبر نفسه مذنباً فهو تولّى مهمة القيادة والفرار والذي قام بعملية النشل الشاب الآخر. لكنه لم يُعد الكرة على الرغم من أنها كانت تجربة "لذيذة" كما يصفها. وفي نهاية اللقاء يأبى "أبو حلقة" وبعض أصدقائه سوى أن يختموا هذه الدردشة بعرض إستعراضي لعضلاتهم على الدراجات النارية، فتسابقوا على "أبأبة" الدراجات "وعورضتها"، اي قيادتها على الدولاب الخلفي فقط، ولتصعيب التحدي عملوا على زيادة الحمولة على الدراجة المسكينة بحيث صعد عليها أربعة أشخاص في الوقت نفسه. طبعا المشهد الإستعراضي لاقى إعجاب الكثيرين من المارة الذين تعوّدوا هذه "النشاطات" في حين تحفَّظ البعض القليل الذي لا يرى في اليد حيلة لمنع مثل هذه "المشاغبات" في الحي.
ويسجل الشاب الملقب ب Tatoo لكثرة النقوش الموزعة على جسمه تحفظه على العرض، ويعبّر عن ذلك بالقول" هؤلاء الأولاد يشوِّهون صورة سائقي الدراجات الحقيقية. يعتقدون ان باستطاعتهم جذب الإنتباه الى هذه المسخرة. حرام يريدون تقليدنا بإمكاناتهم الضعيفة". Tatoo البالغ من العمر 22 سنة يملك دراجة كبيرة بقوة 200 س.س. ويقول بثقة "انا لا أخالف القانون، فدراجتي مسجلة وأحمل الأوراق القانونية وغالبا ما أرتدي الخوذة الواقية". أما عن الإستعراضات التي يقوم بها فهي من نوع آخر "نحن نقوم باستعراضات وسباقات فنية على الأوتوستراد وهذه تعتبر هواية راقية في البلاد المتقدمة فيما يطلقون علينا هنا صفة الزعران". فبالنسبة اليه القيادة بسرعة جنونية على الطريق العام وصوت الدراجة الذي يقضّ مضاجع الناس في منتصف الليل "يجب ان يُحترم لأننا أشخاص عندنا قدرات". يفاخر Tatoo بقدرته على قيادة الدراجة بأرجله أو بوضعية الجلوس المعاكسة حتى انه يتربع عليها بوضعية الوقوف مثله مثل المئات الذين يستعرضون مهاراتهم على الأوتوسترادات السريعة يوميّاً في ساعات الليل المتأخرة.

تدخّل..مقنن
إزاء هذا الواقع لا تقف وزارة الداخلية مكتوفة اليدين، وهي تحاول جاهدة لجم هذا الأمر عبر الحملات المفاجئة ضد المخالفين. وقد سجّلت منذ اوائل العام 2009 وحتى شهر آذار 2010 ، 24800 حالة حجز تتفرق حسب العقيد محمد الأيوبي رئيس مفرزة سير بيروت، على مخالفات أبرزها عدم وجود أوراق ثبوتية، عدم اعتمار خوذ واقية، والقيادة عكس السير. غير ان هذه الحملات هي أشبه بالفورة الموسمية التي ما تلبث ان تنطفئ وتندثر. الأمر الذي يبرره الأيوبي بالنقص الحاد في عديد شرطة السير الذي لا يتجاوز ال600. " ظروف العمل تتحكم بنا خصوصا العديد القليل لذلك نركز على الأولويّات. مثلاً في شهر 12 نتوجه الى معالجة مشاكل السير فيستفيد البعض من انشغالنا بأمور اخرى للقيام بأعمال مخالفة للقانون". حجة العديد الناقص لا تقنع البعض الذي يعتبر ذلك "تقصيراً فاضحاً من وزارة الداخلية، خصوصا وان الحملات استنسابية تطبق في مناطق معينة دون أخرى ",على حدّ تعبير رئيس نقابة أصحاب مكاتب تعليم قيادة السيارات عفيف عبود، "مثلها مثل الجريمة والمجرمين". ويعقِّب نقيب خبراء السير نجيب شوفاني على الموضوع بقوله ان الفراغ الأمني الذي يحصل في الأوقات الليلية غير مقبول "هناك 8 ساعات فراغ أمني في اليوم لا توجد فيها شرطة سير على الطرقات، نحن لا نريد ان نظلم الدولة ولكن لماذا لا يتم تنظيم الامور وتحويل جزء من قوى الامن والمرافقين الى السير؟ فلو جمعنا قيمة المخالفات السنوية في بيروت وحدها هي كافية لدفع رواتب 3 آلاف شرطي سير".

على عين الشرطة
ظاهرة تمختر الدراجات النارية المخالفة على الطرقات اللبنانية أمام شرطة السير من دون ان يتخذ بعض عناصرها اي إجراء بحقهم. فهناك يومياً عدد هائل من السائقين الذين لا يعتمرون خوذة واقية، ومن دون لوحة تسجيل، يحمّلون الدراجة أوزاناً ثقيلة وينقلون عليها العائلة كاملة من أطفال ورضع، وعلى الرغم من قرار الوزير الواضح الذي حدّد أقصى يمين الطريق لسير الدراجات غير أن سائقيها لا يكتفون بالطريق بل يجتاحون أرصفة المشاة أيضا. وكل ذلك امام عين شرطي السير الذي يغض النظر عنهم. وفيما يطلق عبود على قوى الامن صفة الشريك في المخالفة، لا ينكر الأيوبي تقصير بعض العناصر التي تعاقب بشدة، ويشير الى انه في بعض الدول الغربية لا يحتاج الفرد الى تسجيل دراجته (50cc ) ومع ذلك لا تحرّر مخالفات بحق اصحابها لأنهم يحترمون القانون. ويسأل "هل نحتاج الى العصا في لبنان كي نصل الى هذه المرحلة؟ ما نحتاجه حقاً هو تربية ذاتية وتوعية حول ثقافة المرور".

والقانون المعلق!
برزت بادرة الأمل في تغيير الوضع المأسوي نتيجة تهوِّر سائقي الدراجات ومخالفتهم للقانون بقانون السير الجديد الذي تتم مناقشته في مجلس النواب على أمل ان يقرّ قريبا ويسري مفعوله على جميع الأراضي اللبنانية. بنود كثيرة حول الدراجات النارية سيلحظها القانون الجديد حسب أمين سر اليازا كامل إبراهيم، أهمها "إحتواء موضوع الدراجات غير المسجلة عبر منع المستورد او التاجر من بيع الدراجة قبل التأكد من تسجيلها أولاً، وإلا يلاحق هو شخصيا". وقد عملت اليازا على تقديم مشروع قانون لرئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان تسعى من خلاله بحسب إبراهيم الى "تخفيض قيمة الجمرك و TVA على مستلزمات السلامة العامة كالخوذ الواقية حتى يكون بمقدورالمواطن العادي شرائها. كما يخصص القانون بنوداً للدراجات النارية لم تكن موجودة بحيث يترتب معرفة قوة المحرك والوزن الفارغ والوزن الإجمالي والحمولة. كما يجب على سائقي الدراجات عدم تجاوز سرعة ستين كيلومتراً داخل المناطق المأهولة وثمانين كيلومتراً خارج المناطق المأهولة .ويمنع تواجد الدراجات القديمة التي من المفترض ان تتلف جميعها،كما يمنع إستيراد تلك التي تخطى عمرها ثلاث سنوات". وتقوم اليازا بحملات توعوية في المدارس والجامعات تتمحور حول خطورة الدراجات النارية وقد قامت بتوزيع الخوذ الواقية على جمعيات المجتمع الأهلي. ويعلق كامل على مكاتب تعليم القيادة "التي من المفترض ان تكون مدراس للتعليم لكن للأسف ينحصر عمل معظمها في تأمين الأوراق اللازمة لدفاتر القيادة فقط".

 قرارات للحل
بعد تزايد عمليات النشل والسرقة قامت وزارة الداخلية بخطوات مهمّة منها إصدار القرار الرقم 22 بتاريخ 25/6/2007 من رئاسة الوزارة يقضي بتلف الدراجات التي لا يحمل سائقها اوراقاً ثبوتية. وقد تم تلف 4 آلاف دراجة في الأشهر المنصرمة. وبطلب من وزير الداخلية والمديرية العامة تشكلت لجنتان لإعادة دراسة المرسوم الرقم780 وتعديله وهو يتناول آلية الحجز والتلف. فيرفع جدول المديرية العامة التي تقوم بتفكيك الدراجات وتعطيل ارقام الهياكل ويتم كبسها على نفقة صاحب المرآب وهذا الأخير يستلمها حديدا.
غير أن عمليات التلف هذه يعتبرها عبود غير فاعلة " وتعود بالإفادة على بعض الأشخاص وخصوصا المستوردين. فإذا أتلفت الدولة 4 آلاف دراجة يعني انه سيتم استيراد 4 آلاف أخرى". ويتفق عبود وشوفاني والأيوبي على آلية جديدة يمكن ان تكون حلاًّ للمشكلة وتتلخص في تخفيض الرسوم المختلفة على الدراجات يقابلها زيادة في الغرامات. ويرى عبود ان "العقوبة يجب ان تصل الى السجن للدراجات غير المسجلة ، وعدم وضع الضائقة الإقتصادية حجّة للتهرب من القانون. على الدولة ان تقيم رسماً مقطوعاً على التسجيل لتسهيل العملية بحسب نوع الدراجة ". ويضيف" اليوم يلزم صاحب السيارة بوكالة لمدة شهرين كحد أقصى لتسجيلها. بعد مرور الشهرين يتحمل 50 الفاً عن كل 30 يوماً وبعد سنة تعتبر هذه الوكالة باطلة. لماذا نطبق هذا القانون على مالكي السيارات بينما الدراجة تخرج من المحل ولا نعرف الى أين تتجه؟".
                     إستيراد عشوائي
دخلت الدراجات النارية الى لبنان منذ فترة ليست ببعيدة، وتحوّلت بسرعة البرق الى ظاهرة بات من المستحيل ضبطها. لكن آلاف الدراجات التي نراها يومياً لا نعرف تاريخها. من أين أتت؟ وكيف دخلت ؟ فعملية استيرادها تبقى موضع شك وريبة ويمكن أن تكون في الوقت نفسه الحل الوحيد لمشكلة باتت واضحة ولكن على حدّ تعبير رئيس نادي مالكي هارلي دافيدسون في لبنان مروان طراف "لا أحد يأخذ على عاتقه حلّ هذا الموضوع ومعالجته". فالدراجات التي تدخل البلاد عبر "كونتينيرات" تحتوي ما هبّ ودب منها ، هي في معظمها دراجات أكل الدهر عليها وشرب، يتمّ انتشالها عن طرقات الدول الغربية ومن النفايات حيث تكون مرمية لعدم صلاحيتها للإستعمال. يأتي بها المستورد مفكّكة وفي حالة يرثى لها، يتم تلحيمها وتحسينها قليلاً شأنها شأن الكثير من السيارات، وتعرض في الأسواق بأسعار منخفضة على أنها مستعملة ولمدة قصيرة من الزمن". وبسبب الضائقة الإقتصادية يقبل عليها الأفراد ذوو الدخل المحدود، ومن دون حسيب ولا رقيب تنتقل مباشرة الى الطرقات لإستعمالها في أعمال غير شرعية.
ويوجه طراف الإتهام الأول ل"مستوردي نفاية الدراجات النارية الذين يتلاعبون بمصير الناس من خلال بيعهم بضاعة فاسدة ",ويتجلى هذا الأمر في متاجرهم القليلة التي باتت على حدّ وصفه أشبه بلعبة "إجمع واربح". وفي حين يحثّ طراف على ضرورة إقرار القانون الجديد من دون ان يكون ظالماً لمالكي الدراجات الكبيرة الهارلي ديفيدسون وما شابهها." نادي مالكي هارلي ديفيدسون هو الوحيد المرخص له في لبنان هدفه الأساس "تشجيع ممارسة قيادة الدراجات النارية وذلك بالإنسجام والقوانين المرعية الإجراء ومبادئ السلامة العامة. يضم 160 عضواً بينهم قاضيان و12 محامياً و10 جرّاحين وعدد كبير من أساتذة الجامعات يتابعون ماذا يجري في الخارج لتحقيق الإستفادة من خبراتهم". إذ لا يجوز ان يمنع مالك دراجة يصل سعرها الى 40 ألف دولار مستوفاة جميع الشروط القانونية، من ممارسة هوايته بسبب بعض المستهترين بالقوانين. " يجب ان لا تكون القرارات شمولية، وقد قمنا سابقا بتقديم مشروع قانون كامل لوزير الداخلية الأسبق غير انه لم يتم الإطلاع عليه". وينظم النادي مهرجاناً سنوياً في شهر أكتوبر، يعرف بLebanon Tour ، حيث يستقطب 350 مشاركا أجنبيا، يقومون بجولة سياحية في لبنان لمدة ثلاثة أيام. وهو يعتبر من أكبر المهرجانات tours في العالم.

ممانعة على الفايسبوك
قرار بارود ووجه بمعارضة شديدة على صفحات الفيسبوك في مجموعة تحت عنوان " زياد بارود: أترك دراجاتنا. نحن ضد اللّي عم بصير". ويشرح منشئ هذه المجموعة، ابراهيم غسّاني، بالتفصيل سبب اعتراضهم على هذه الحملات الشعواء كما اسموها التي كانت نتيجة حادثة عين الرمانة الأخيرة. ويستغرب الأعضاء سبب إرساء اللوم على الدراجات النارية" لا أحد يعرف علاقة "الموتوسيكل" بالإشكال وعوض أن تشنّ حملة على القمار والمقامرين وجد المعنيون ضالتهم بالدراجات النارية". "الموتوسيكلات" تحولت إلى "قميص عثمان" على حد تعبيرهم، عند كل محطة تحتاج فيها الدولة إلى من تلقي عليه وزر المسؤولية. ويستذكر منشئ المجموعة حادثة قتل القضاة الأربعة في صيدا حيث مازالت الدراجات في مدينة صيدا منذ أكثر من عشر سنوات تدفع ثمن فاتورة تقصير الأجهزة الأمنية في القبض على قتلة القضاة الأربعة. وتنشط أيضا على الفيسبوك مجموعة أخرى أنشأها شباب من صيدا يطالبون فيها بالرجوع عن القرار المجحف بحق الدراجات في صيدا تحت عنوان "بدنا نرجع نشوف الدراجات النارية في صيدا" نظرا الى الظروف المعيشية الصعبة وإرتفاع تعرفة التاكسي.
ويضيف إبراهيم غسّاني ان طريقة معالجة أجهزة الدولة في لبنان مخالفات الدراجات النارية وسائقيها مثيرة للضحك . فالأجهزة الأمنية تتعاطى مع "الموتوسيكلات" وكأنها أم المشاكل ويبقى السؤال الذي يحار المرء في الإجابة عليه، طالما أن الدولة مستاءة لهذه الدرجة من انتشار الدراجات النارية، فلماذا تسمح باستيرادها؟.



No comments:

Post a Comment