المستقبل - الاثنين 3 آب 2009 - العدد 3382 - تحقيقات - صفحة 11
في كل صيف يعود لبنان ليفرض وجوده على الخارطة السياحية. لم تفلح الأحداث الأمنية والسياسية التي اجتمعت عليه في أن تنال من حب أهله للحياة وحب الآخرين له، فتراه ينبعث كطائر الفينيق بهمّة أبنائه العرب الذين توافدوا اليه سياحاً بنسبة زادت حتى اليوم عن 43% مقارنة بالعام الفائت.
عودة يمكن وصفها بالذهبية.
الأرقام التي تتكشف عنها أعداد الوافدين ونسب الحجوزات في الفنادق التي بلغت 95 في المئة ومعها التوقعات بوصول مليوني سائح، كلّها دلالات على عشق الناس للبنان عموماً ولقلبه بيروت خصوصاً. بيروت بقلبها الذي لم يتعب من نبض الحياة ومدّ بقية أعضاء البلد ومناطقه بسحرها، يصح فيها اليوم تصنيف صحيفة "نيويورك تايمز" أنها الوجهة العالمية الأولى للعام، وكذلك تصنيف دليل "لونلي بلانيت" العالمي الذي وضعها في المرتبة الثانية بين المدن العشر الأولى التي "يجب زيارتها" بسبب "ديناميكيتها وسحرها".لبنان اليوم تحت المجهر السياحي، وهو يعيش الموسم السياحي بامتياز تدعمه عناوين عدة تشكل الجاذب الأول والأخير للسيّاح الذين باتوا قادرين على العيش والتعايش مع البلد في كل مراحله وأزماته. عناوين تبدأ بمزاياه الطبيعية والبشرية، زد عليها اختيار عاصمته عاصمة عالمية للكتاب، واستضافته للدورة السادسة للألعاب الفرنكفونية بين 27 أيلول و6 تشرين الأول المقبلين، ولا تنتهي بالمهرجانات التي تعمّ مناطقه وشمول الصيف لشهر رمضان المبارك الذي يصادف في أواخر شهر آب الجاري.
يعبر السائح مطار بيروت في خطى متعجلة متلهّفاً لاستكشاف هذا البلد الصغير لأول مرة أو لإعادة استكشافه إن كان سائحاً متردداً، فيما يرزح المواطن اللبناني تحت وطأة الهدوء "النسبي" الذي يمرّ فيه لبنان كما يرى البعض، مترقباً ساعة انفجار هذا البركان الهادئ. يتسلّح بالأمل المزين بمليوني سائح هذا العام وضحكة تنسيه لبعض الوقت الخوف الذي كان يعيشه خلال الأحداث السياسية والتوترات الأمنية وسلسلة الانفجارات السابقة. وعلى الرغم من التطمينات التي يتلقاها يومياً عبر المؤسسات المعنية إلاّ أن الحذر يبقى الخاصة الأساسية التي باتت تسيطر علينا منذ العام 2005. ولكن من حسن الحظ أن تلك العدوى لم تنتقل الى السياح العرب أو الأجانب الذين يتردّدون على لبنان في كل سنة، فيعيش الحركة السياحية كما لو أنه يعيش للأبد. حركة دأب عليها لبنان منذ الخمسينات وشهدت تصاعداً مستمراً وصل الى أوجه في العام 1974 أي قبل عام واحد على اندلاع الحرب اللبنانية حين وصل عدد الوافدين الى لبنان 1.423.920 سائحاً. وخلال سنين الحرب الأهلية ومن بعدها بأعوام غاب البلد طويلاً عن الخارطة السياحية ليعود ويتمرّد على كل المآزق والأزمات. ها هو اليوم بعدما نفض عنه غبار الحرب والتفجيرات المتنقلة يتهيأ لاستقبال محبّيه. عودته الى الحياة عبر قلبه العاصمة بدت أقوى في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد الحدث الزلزال الذي ضربها كما كل لبنان باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فقامت لملاقاة الحياة والسياح من جديد.
والمفارقة أنه بعد كلّ صيف ساخن بالحركة السياحية تهتز البلاد أمنياً وسياسياً. من يكرهون لبنان ويريدون النيل من أمنه وسلامة العيش فيه معروفون وهم ليسوا قلّة، لكن في المقابل محبّو هذا البلد كثر أيضاً والدليل على ذلك وقوفهم الى جانبه في محنه، وفي ذلك دليل قاطع على حبّ السائح للبنان أولاً، وبيروت ثانياً وعلى ثقته المتجدّدة دوماً بهذا البلد الصغير. ثقة أكثر ما تتجلّى في أعداد السيّاح التي تتكشّف عنها جداول وزارة السياحة والتي تظهر ثبات عدد الوافدين، الذي وإن تراجع قليلاً في العام 2005 إلاّ أنه تعدّى المليون أيضاً بحسب إحصاءاتها بحيث وصل الى 1.139.524. وكذلك الحال في العامين 2006 و2007، اللذين سجلاّ قدوم نحو مليون سائح لكل منهما، على الرغم من الأحداث التي شهدتها البلد فيهما من عدوان تموز الى معارك نهر البارد وسلسلة الاغتيالات التي نالت من رجالات السياسة وأمن اللبنانيين.
عودة ذهبية
في العام الفائت ارتفع عدد الوافدين بحيث سجّل وصول (1،332،551)، وحتى اليوم زادت نسبة توافد السياح لهذا العام عن 43% مقارنة بالذي سبقه. بهذه الأرقام تعود بيروت مجدداً الى العصر الذهبي الذي شهدته مطلع السبعينات، في ظل توقّعات وزارة السياحة تجاوز عدد السياح المليونين هذه السنة، ما يشكل سابقة في تاريخ السياحة في لبنان. ومع هذا الواقع وهذه المعطيات يصحّ تصنيف صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية لبيروت في لائحتها السنوية للوجهات السياحية المقصودة للعام 2009، على أنها الوجهة العالمية الأولى للعام، مشيرة الى أن العاصمة قد تستعيد لقبها كـ"باريس الشرق الأوسط".
كما وضعها دليل "لونلي بلانيت" العالمي في المرتبة الثانية بين المدن العشر الأولى التي "يجب زيارتها" بسبب "ديناميكيتها وسحرها". بالإضافة الى ذلك يشهد لبنان ككل هذا الموسم نشاطاً سياحياً مدعّماً بعناوين عدة أبرزها اختيار عاصمته عاصمة عالمية للكتاب، واستضافته للدورة السادسة للألعاب الفرنكفونية بين 27 أيلول و6 تشرين الأول المقبلين، عدا عن المهرجانات المتعدّدة التي يتم إحياؤها في مناطق متعددة من الشمال الى الجنوب.
ويمتاز صيف لبنان لهذا العام بشموله شهر رمضان المبارك الذي يصادف في أواخر شهر آب الجاري، ولعل ّفي هذه المصادفة سبباً إضافياً لدفع السياح وخصوصاً العرب منهم للقدوم الى لبنان وإطالة إقامتهم فيه، فيكونوا كالذي يضرب عصفورين بحجر واحد. وفي هذا الإطار يوضح حمد الجاسم أن "إقامتنا هذه المرة طويلة لأننا نريد تمضية جزء من رمضان في لبنان"، "لافتاً الى أننا نتشوق لذلك لأننا سنعيش شهر الصوم لأول مرة بطريقة جديدة ومختلفة عن تلك التي في بلادنا".
الى الناحية السياحيّة الصرف من مرافق خدماتية ومزايا طبيعية ومعالم تراثية، يتمتّع لبنان بما يمكن تسميته السياحة الصحيّة وحتى التجميلية بحيث بات مقصد السيّاح العرب والأجانب الراغبين في الاستجمام وعشاق الموضة والتجميل. وربما كان انتشار فيروس انفلونزا الخنازير (H1N1 ) الذي غزا العالم أحد أهم الأسباب في إحجام عدد كبير من العرب عن دخول البلدان الغربية وخصوصاً منها تلك التي انتشر فيها الفيروس بسرعة مفضلين اللجوء الى لبنان لثقتهم بالإجراءات الصحية المتخذة فيه لمواجهة هذا الفيروس. وتعتبر غادة من الكويت أن "لبنان هو بلد الموضة والجمال وأنا وقريبات لي أقصده في كل صيف للتبضّع، وخلال إقامتي فيه أمضي أوقاتي بين الحلاق ومراكز التجميل والتزيين".
بيروت.. الأولى
لبنان اليوم تحت المجهر السياحي إذا صح التعبير، ولبيروت تحديداً مركز خاص في قلوب السياح العرب منهم كما الأجانب. فيها يتمركز القسم الأكبر منهم. الأمر ليس بغريب على هذه المدينة التي لطالما شكّلت وعلى مدى التاريخ مطمع جميع الأمم القديمة التي حاولت السيطرة عليها. وعلى الرغم من معرفة السيّاح بالأوضاع السياسية والأمنية إلاّ أنها ما زالت مدينة جذب واستقطاب للجميع. فما هو هذا السر؟ هذه المدينة التي حملت على مرّ الأزمان ألقاب وصفات كثيرة من "المدينة الإلهة" و"بيروت الأبيّة والمجيدة" عند الفينيقيين لعنادها في مقارعة مدينة صيدون، الى "أم الشرائع" عند الرومان و"الدرّة الغالية" في عهد العثمانيين "ستّ الدنيا"، و"باريس الشرق" في العصر الحديث وتحديداً في فترة الستينات، تعود اليوم لتتوّج ملكة في عالم السياحة متجاوزة وبقوّة كل المحن والأزمات والأحداث الأمنية التي شهدتها منذ القدم وحتى اليوم.
لا يمكن إنكار موقع بيروت الثقافي والاجتماعي الذي يجتذب الكثيرين، ففي ظل ما تجمع من تنوع حضاري وأثري وفكري وديني فضلاً عن السياسي، يجد السائح عندما يزور وسط بيروت هذا التناغم المعماري في هندسة مبانيها وشوارعها. سمات وخصائص كثيرة تحملها المدينة ليست متوافرة في مدينة أخرى أبرزها الروح البيروتية الجياشة في حب الناس، فـ"اللبناني بطبعه إنسان مضياف". الروح البيروتية التي تمثل روح التسامح والعيش المشترك والاندفاع والترحيب بجميع القادمين" كما يقول سالم القادم من الإمارات.
ومع أن بيروت ليست غنية بالآثار ولكن أكثر ما يستقطب السياح الملامح الإنسانية والفكرية والثقافية والعلمية فيها. ويرى المؤرخ والباحث الدكتور حسن حلاق أنه كان للرئيس الشهيد رفيق الحريري رؤية مستقبلية فقال مرة إن لبنان يمكن أن يستقبل 5 ملايين زائر، فحرص على تجديد وتوسيع مطار بيروت الدولي. لم يكن ينطلق من فراغ وإنما من معرفة حقيقية لتلك المدينة المحورية. هي تؤثر وتتأثر فكانت هي السباقة الى إنشاء ما يعرف بوسط البلد ثم حذت حذوها الدول العربية كافة.
ليل.. نهار
المشهد الليلي في بيروت وضواحيها وبالتحديد في أماكن السهر واللهو يتكرر من مكان الى آخر. ازدحام وحركة لا متناهيين حتى يبدو وكأن بعض الشوارع فيها تنام في النهار لتصحو في الليل. جميع المقاهي والمطاعم والملاهي الليلية تعج بروادها من اللبنانيين وغيرهم. واللبناني معروف بحبه للسهر والحياة، وقد يكون ذلك ردّة فعل على ثقافة الموت والحرب التي يحاول البعض فرضها عليه. الشعب اللبناني أو بالأحرى الطبع اللبناني استحوذ على انتباه الكثيرين من عرب وأجانب. "شعب عظيم حقاً" يقول جون من أميركا، "سمّي لي شعباً واحداً يستوحي من الحرب أفكاراً لنكتة مضحكة؟". فعلاً هناك بلدان ما زالت ترزح تحت تأثير نتائج الحروب التي مرّت عليها. أما اللبناني فيعرف كيف يستمد من الضعف قوة، ويجد للحب ولعب الورق الوقت الكافي ولو كان في الملجأ. الانفتاح على الثقافات الأخرى واتقان اللبناني للغات متعددة، كلّها مزايا جعلت منه محطّ إعجاب وتعجّب غير اللبنانيين في آن.
فبينما يعيش الآخرون صراع الحضارات تجد في لبنان ملتقى للحضارات المتعددة التي مرّت عليه وتركت بصماتها فيه لتجعل منه فسيفساء ثقافية تاريخية، وحتى مطبخية. فتنوع المأكولات اللبنانية والمازة تنال قسطها من الشهرة ولو حاول البعض أن يسرق قائمتنا الغذائية المعروفة كالتبولة والحمص والمنقوشة إلا أنهم لم يفلحوا في إضافة النكهة اللبنانية عليها.
حب للبنان ولبنانييه
وسط عجقة المشترين والباعة في إحدى المجمعات التجارية الكبيرة في بيروت تتمشى سيدة ثلاثينية مع ابنها وعلى وجهها ترتسم ابتسامة تبدو وكأنها أبدية، كما هي حال كل الذين تصادفهم هذه الأيام في لبنان. موسيقى بوب تصدح في الأرجاء تتناغم مع صراخ بعض الأولاد الذين يركضون ومن الواضح أنهم تعارفوا للتو. ساره من الكويت سائحة متردّدة الى لبنان حتى أنها كانت موجودة فيه مع عائلتها في العام 2006. هي لم تتردد يوماً كما تقول لتمضية الصيف في لبنان "المناخ رائع واللبنانيين ما في مثلهم". الأمر بالنسبة اليها لا يحتاج الى التفكير مرتين "عدم الاستقرار صار سمة أساسية في لبنان، هذه البلد كانت ولا تزال هكذا". الأمر أصبح عادياً فإذا لم يكن هناك من حدث أمني ضخم فإن بعض الأحداث الهامشية والصغيرة لا تستحق إلغاء الرحلة الى بيروت.
على رصيف أحد المقاهي في وسط البلد يجلس مصطفى من الأردن يرتشف قهوة عربية ويتصفّح جريدة لبنانية. "طبعاً أتابع الأخبار اللبنانية. سأمضي في لبنان حتى أواخر شهر رمضان المبارك، ومن الطبيعي أن اطمئن الى حال البلد". يبتسم "أنا أنتظر تشكيل الحكومة مثلي مثل اللبنانيين على أحر من الجمر. لو لم يكن لدينا ثقة بلبنان لما كنا أتينا في المرتبة الأولى". يخبر مصطفى عن تجربته في عدد من أهم عواصم العالم ويقول إن سبب تعدد زياراته الى لبنان يعود في المقام الأول الى نفسية الشعب اللبناني "المعروف بحبه للضيافة وبخدمته الممتازة والأهم ببشاشة وجهه".
في العجقة.. صحة
لأول مرة لا ينزعج المواطن اللبناني من زحمة السير الخانقة، مع العلم أنه يتمنى حلّ هذه المشكلة و"لكن العجقة هي دليل صحة وعافية"، كما يقول العم اندراوس صاحب محل لبيع تذكارات وتحف لبنانية في الحمرا. ترتفع الأبواب الحديد منذ السابعة صباحاً ولا تقفل حتى منتصف الليل ولا يمانع العم اندراوس من تمضية تلك الساعات الطويلة منتظراً "الرزقة الأجنبية" كما يسميها. في هذا الموسم يدخل محله عدد لا يحصى من السيّاح. تدخل سيدة أربعينية الى المحل تتسلّل بنظراتها في أرجائه متفقدة البضائع المعروضة. تحمل كاميرا فوتوغرافية تمسكها متأهبة لالتقاط الصور كيفما اتجهت لتنقل معها الى أصدقائها الأستراليين لحظات لبنانية بامتياز.
الأماكن الأثرية والقلاع والمتاحف شرَّعت أبوابها كالعادة للضيوف. ولتبدو بأبهى حلَّة أمام زوارها تزيَّنت بالمهرجانات والسهرات والمعارض. من بيت الدين الى بعلبك الى صور مروراً بجبيل مهرجانات متعددة ومتنوعة عالمية استقطبت عدداً كبيراً من السياح. هذا وتشهد مغارة جعيتا سيلاً من السياح الذين يؤمّونها ليروا بأم العين هذه العجيبة الطبيعية المرشحة لأن تكون إحدى عجائب الدنيا الطبيعية السبع. وعلى الرغم من شكوى البعض من الأسعار المرتفعة نسبياً لدخول المغارة إلاّ أنها تبقى الموقع السياحي الأول، وبحسب إحصاءات وزارة السياحة استقطبت المغارة حتى شهر أيار الفائت 102،199 زائراً.
الفنادق.. "فول"
لؤلؤة الشرق أخذت حصّتها من الألقاب هذه السنة وانعكس ذلك إيجاباً على القطاع الاستثماري فيها، خصوصاً في القطاع الفندقي. وأظهرت دراسة أجرتها شركة الاستشارات والتدقيق "إرنست أند يونغ" عن القطاع الفندقي في منطقة الشرق الأوسط، أنّ نسبة إشغال الفنادق في بيروت بلغت 70% في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2009، مسجّلة بذلك زيادة 34% عن نسبة 36% التي بلغتها في الفترة نفسها من العام 2008. هذا وقد سجّلت بيروت نسبة الإشغال الـ13 الأعلى بين 22 سوقاً في المنطقة، بعدما كانت سجلت نسبة الإشغال الأدنى في الفترة نفسها من العام 2008، علماً أنه لو توافرت حملة عمل تسويقية لتغيير صورة لبنان في الخارج التي توضع في كادر الاغتيالات والموت والدمار لكان الوضع أفضل من ذلك بكثير.
في المقابل لا تتعدّى نسبة إشغال الفنادق في الجبال الـ80 في المئة ويعود السبب طبعاً الى تمركز السياح في العاصمة أولاً وميلهم الى إستئجار شقق مفروشة في الجبال ثانياً. ويقول نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار أشقر إن الطلب أكثر من العرض. "يمكننا أن نتكلم عن حجوزات فوق الـ95% حتى الآن"، عازياً سبب هذا الإقبال الى "الاستقرار الذي جعل من البلاد وجهة سياحية مهمّة منذ انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان". ويلفت الى أنه "من الضروري أن تعمل الدولة على الإنماء المتوازن فيتوزّع السيّاح في مختلف المناطق ولا يكون وجودهم حكراً على مناطق وبلدات معينة".
والاستثمارات ناشطة
الى ذلك يشهد قطاع الفنادق استثمارات ضخمة تقدّر بحسب الأشقر بـ"نحو ملياري دولار في بيروت"، مشيراً الى أنه في أواخر 2010 سنكون أنجزنا 3 آلاف غرفة جديدة ما يؤمّن نحو 7 آلاف فرصة عمل". ولأن السياحة هي القاطرة الأساسية للاقتصاد عموماً، لا يخفي أشقر بعض الهواجس والتمني بتأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن لوضع استراتيجية وخطة عمل سياحية. ويؤكد أنه "من الضروي تعديل بعض القوانين للحاق بعجلة التطوّر، والشروع في حملة وعمل تسويقي لتغيير صورة لبنان في الخارج. الغرب لا ينصفنا كثيراً ويضع لبنان في كادر الموت والدمار والاغتيالات بحسب ما تعلنه الحكومات على مواقع سفاراتها على الانترنت. وبالتالي، فإن وكالات السفر لا تروج لرحلات الى لبنان".
وعلى الرغم من ميزة الخدمات، إلاّ أن لبنان وبحسب المعنيين بالقطاع السياحي ما زال ضمن الخارطة السياحية الاقليمية ولم يتجاوزها الى العالمية. ويعزو رئيس قسم الإرشاد السياحي في كلية السياحة في الجامعة اللبنانية عباس حجيج السبب في ذلك "الى غياب الخطط السياحية والتأهيل السياحي، المشكلة تكمن في أننا لا نستغل الميزات الطبيعية والبشرية كما يجب".
ويضيف "السياحة في لبنان موسمية فيما يجب أن تكون مستدامة على مدار 365 يوماً. ويشير الى أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص لإنشاء مدينة فينيقية تشكل محطة مهمة للسيّاح، كما لتأهيل المناطق السياحية كالمحميّات والأنهار والبحيرات بهدف تشجيع جميع أنواع السياحة خصوصاً البيئية والريفية وسياحة المجموعات، والعمل على لبننة المهرجانات وتوحيدها في مهرجان واحد سنوي كبير يعبّر في المرتبة الأولى عن التراث اللبناني".
مهما كانت الثغرات التي يعاني منها القطاع السياحي عندنا، ألاّ أن الكل يُجمع على أن لبنان وسيدة العواصم فيه يستحقان أن يُؤتى اليهما، فهذا البلد لا يمتلك بترولاً إنما يمتلك المقومات السياحية الطبيعية ومعها البشرية القادرة على حب الحياة، وأكثر من ذلك فهو يمتلك حب اللبنانيين لبلدهم وحب العرب للبنان ولبنانييه.
No comments:
Post a Comment