ما زلت اذكر المرة الأولى التي درسنا فيها عن الجمعيات النسائية التي تطالب بحقوق المرأة. ضحكنا كثيرا، انا واصدقائي في المدرسة، حين قرر بعض الصبيان تأليف جمعية تطالب بحقوق الشباب. ضحكنا ورحت اتساءل: ترى ما هي الحقوق التي يمكن للصبيان المطالبة بها؟
. اليوم وعلى الرغم من وجود وانتشار مثل هذه الجمعيات في بعض البلدان، وخصوصا في مصر ،فان اكثر ما يثير الإنتباه ليس في تركيبتها، ولا في تأسيسها ،ولا حتى في بنودها ،ولكن في كيفية تبرير اصحابها احقية تأليفهم لها. المجلس القومي للرجال هو حدث هذا الأسبوع في مصر. لربما لم يلق الإنتشار المبتغى بعد ،او عدد المنتسبين اليه،الا انه ظاهرة لا بد من التطرق اليها. فلربما وصلت عما قريب الى بيروت واجتاحتنا هذه الموجة الموضة.شبكة الإنترنت هي الوسيلة الأسرع للوصول الى آذان وأذهان اكبر عدد ممكن من الناس. من هنالك انطلقت صرخة بعض الشباب والرجال ضد التمييز العنصري في مصر والمطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة باعتبار ان المرأة اليوم باتت الأكثر قوة وعنفا. يبدو ان هذه المجموعة المغدورة عانت ما عانته من نسائها المستبدات، ومن قانون الخلع الذي يطبق في مصر منذ سنوات قليلة، فوجدوا في تأسيس هذا المجلس وسيلة للإنتقام ولإثبات الذات.من البنود المضحكة المبكية، مطالبة اعضائه بعدم مساعدة اي سيدة تتعرض لموقف سيئ. تصوروا سيدة ستينية تتعرض لعملية نشل او ضرب في الشارع تهرع لطلب المساعدة من المارة فيجيبها احد الرجال المفتولي العضلات " انا انتمي للمجلس القومي للرجال "، يا للشهامة!.كما ينادي المجلس بمقاطعة جميع المحلات التي تمتلكها او تعمل فيها فتيات. وطالب كل الرجال بمنع تعيين الفتيات لديهم والمساواة بين الذكور والإناث في تأدية الخدمة العسكرية. ووصل المجلس الى ابعد من ذلك ،اذ قرر مؤسسوه الإضراب عن الزواج من اي فتاة حاصلة على مؤهل اعلى من متوسط او اعدادية. طبعا المرأة المتعلمة تشكل خطرا لا بد من تجنبه . على ماذا يتكل مؤسسو هذا المجلس لسن هذه البنود؟ انهم يبررون ذلك بحجج علمية بحتة لا يمكن لأحد المغالطة بها. كيف لا يلجأون الى العلم واحد المؤسسين هو الدكتور فاروق لطيف احد اساتذة الطب النفسي في جامعة عين شمس المصرية. يا للغرابة! استاذ في طب النفس يؤمن ان الرجل يتفوق على المرأة لأنه يحمل الكروموزومات XY بينما هي تحمل الكروموزون XX فقط وينقص منها Y اي انها اقل قدرا من الرجل.بالإضافة الى ان كثافة العظام في المرأة هي اقل من الرجل ما يجعله أحق منها في التعلم والعمل وملء المراكز المهمة، ولكنه في الوقت نفسه يطالبها بأداء واجبها العسكري.بنود وتبريرات وحجج علمية يثيرها هذا المجلس المزعوم ،وان لم ينل الشعبية المطلوبة، الا انه نجح في دخول الحديث البرلماني المصري بين مؤيد ومعارض لهذه الظاهرة ولفت الإنتباه الى احتمال تحول الصراع بين الأطراف المتنازعة الى صراع بين الاناث والذكور، على امل ان لا تصلنا "طرطوشة " قريبا.
No comments:
Post a Comment