"رائحة.. الزينة"

Tweet It!

المستقبل - الخميس 2 نيسان 2009 - العدد 3265 - شباب - صفحة 11

تتسلل زينة الى شرفة المنزل خلال انشغال امها بتقطيع مكونات طبخة اليوم. ابنة السادسة غير مسموح لها الخروج بمفردها الى شرفة الطابق السابع. لكن الإرتفاع الذي يهابه الوالدان لا تخشاه زينة. على العكس . ان ترى الشارع من فوق امر مشوّق وغريب. البحر يبدو واسعا والبنايات المتراصة بأشكالها المختلفة تشبه قطع لعبة الـ LEGGO الموجودة في غرفة زينة.
هذا ابو رياض يفرش بضاعته امام محله، صناديق البطاطا والبندورة والعنب. رأته يرمي شيئأ تحت سيارة جاره لم تستطع تحديده. انها اوراق الخس البالية. لربما تكون زينة الشاهدة الوحيدة على هذا التصرف. وذاك هو وسيم جارهم في البناية المجاورة في الطابق الثالث جالس كالعادة امام نرجيلته ينفخ دخانها نحو اللامكان. من البعيد رأت زينة بقعة صغيرة تحت جسر المشاة المجاور. بقعة لا تشبه غيرها. فريدة وغريبة. لا يمكنها تفسير المشهد ولكن جل ما رأت فيه الوان تشبه الوان قوس قزح. الوان مختلفة لأشياء غير معروفة، البرتقالي والأخضر والأزرق ... وأشكال متراكمة فوق بعضها وكأنها لوحة سوريالية غامضة. اعجبها المشهد واثار فضولها . كيف لها الوصول الى تلك البقعة لإستكشافها ومعرفة خباياها. صارت تحلم بالأغراض الموجودة، انها لعب ملونة. اصبح شغلها الشاغل الوقوف على الشرفة وتأمل تلك البقعة كل صباح. وفي كل صباح كانت تراها تكبر وتتسع." من اين تأتي كل هذه الألعاب الملونة ؟". تسأل في نفسها. "نحن لسنا في عيد الميلاد. او ربما هناك يخزّن بابا نويل العاب الصغار ليوزعها عليهم في العيد؟".قررت ان تسأل والدها اصطحابها الى ذلك المخزن العجيب. فلو كان ما تفكر به صحيحا فسوف ترى ايضا بابا نويل. في صباح اليوم التالي طلبت من والدها الخروج معها الى الشرفة لكي تدله الى الموقع، واذ بها تفاجأ بأن مخزن الألعاب اصبح رمادا اسود يتصاعد منه الدخان. اين اختفت الألوان؟ قالت حزينة. اين الألعاب المتراكمة؟. والحقيقة ان ما كانت تعتقده العابا هي في الواقع نفايات والألوان لربما تعود للأكياس الملونة. حزنت زينة وضحك والدها مؤكداً:"لا تقلقي، غدا سوف ترجع الألوان ،اكثر من قبل.تتراقص في المشهد المتخيل من بعيد،لكن حذاري الاقتراب.فالخيبة عفنة برائحة تلك الكتلة التي تشتعل كلما تضخمت،ومعها يصبح الهواء رماداً يأكل في النفوس والأفئدة".

1 comment:

  1. Dear Claude you always put us intrested article that are in reality&we are living them every day im sure that u never pass a street without smeling or seeing those garbage but the problem is that our goverment talks about the beauty of Lebanon and tourist so at least they have to clean the road so we will have areality tourism with true tourist country.Nice job

    ReplyDelete