لا زال "الطلاق" في دياركم عامراً

Tweet It!

المستقبل - الخميس 3 كانون الأول 2009 - العدد 3500 - شباب - صفحة 13

طرقات خفيفة على الباب الموصد بقفل الأعراف والتقاليد. لا أحد في الخارج سوى بطاقة باللون الزهري ملقاة على الأرض، تزينها فراشات صغيرة. كانت البطاقة اشبه بلوحة من الطبيعة تفوح منها رائحة عطر نسائي جميل، وتخمين عفوي: "أكيد سهرة عرس او خطبة"، فاذا بالمفاجأة أنها دعوة الى حفلة "طلاق"
تجري مراسمها في ملهى ليلي في ربوع لبنان، البلد الذي ما زالت فيه مثل تلك المناسبات خارجة عن أجندته "الليلية". جاء في الدعوة: "صديقاتي العزيزات، لأن الحرية أجمل نعمة من الله، ولأنني دفعت ثمنا غاليا للحصول عليها، أدعوكن الى سهرة راقصة مليئة بالفرح، مفعمة بالرقص، خاصة بالنساء فقط، وذلك بمناسبة طلاقي وإستعادة حريتي، وعقبال العايزين.التوقيع...".
وبرصيد الدعوة تلك، تنتقل الحسابات الزوجية المعقّدة من خانة أبغض الحلال الى مناسبة يحتفي بها الأزواج المطلقون، كل بحسب امكاناته ورغبته في الانتقام أو الكيدية. وثمة وسيلة "تنفيس" أخرى تعد الأكثر انتشاراً، وذلك من خلال نشر خبر الطلاق في المواقع الالكترونية التي تدعو الى انتفاضة "مودرن" يعبّر عنها موقع"motalakat.com"، وهو موقع عربي يهتم بشؤون المطلقين والمطلقات في جميع الدول العربية بغية "اعادة الاستقرار الاجتماعي اليهم، وتسهيل عمليات التعارف أو الزواج بين صفوة السيدات والرجال العرب". يعلن الموقع: "يكفي ان تسجل بياناتك ثم تشترك لتتمتع بمميزات عديدة منها ارسال الرسائل للأعضاء مباشرة الى البريد الالكتروني الخاص بهم من خلال الموقع والبحث المتقدم بالمواصفات التي تناسبك".
وفي السياق نفسه تثير مدونة "عايزة أتطلق و..." للمصرية محاسن صابر ضجة إعلامية كبيرة استثمرتها القنوات المصرية والعربية، فكانت بمثابة صفعة للمجتمع المتقوقع. إختارت محاسن اللون الزهري لصفحات مدونتها، تملؤها قلوب صغيرة توحي للوهلة الأولى بانها مدونة تعنى بشؤون الحب والغرام، فاذا بها تفاجئ القارئ بعبارة تحتل الصفحة الرئيسية "عندما ينعدم الأمان في الحياة الزوجية وتصبح الطمأنينة حلماً بعيد المنال... فعندها مرحبا بأبغض الحلال". وأبغض الحلال هو الطلاق الذي طرق باب محاسن منذ فترة. ولكثرة ما عانت من مشقات الذهاب الى المحكمة والدوائر الرسمية ومضايقات المسؤولين الرجال، أنشأت مدونتها الخاصة لتناجي مشاعر المطلقة، وتقدم اليها النصائح والتجارب التي عايشتها. اما في خانة المعلومات الشخصية تكتب محاسن "انا كل املي في الحياة ان اكون زي ما انا عايزة اكون واعمل حاجة مفيدة في حياتي تخلدني بعد مماتي وابقى في القبر حاسه اني انا مش لوحدي. اهتمامي الأول والأخير بهذا الكائن البريء مهما توحش، الإنساني على الرغم من معاملته بمنتهى القسوة. انها المرأة الأم، الأخت، الزوجة، الإبنة، الجدة، الإنسانة، الكائن الحي، المرأة".
وانتفاضة محاسن على المجتمع لم تقف. هي لم تكتف بملء صفحاتها الالكترونية، بل تعدت ذلك الى إنشاء راديو موجه للمطلقات يبث من خلال شبكة الانترنت، ويقدّم برامج متنوعة تلقي الضوء على المشكلات الإجتماعية، الإقتصادية والنفسية التي تعاني منها السيدات المطلقات في مصر والعالم العربي. وكانت لقيت تلك الخطوة رواجاً في الصالونات النسائية، فنالت برامجها شهرة واسعة ومن بينها: "كلمة من القلب، يوميات مطلق، طليقك على ما تربيه، قبل ما تقولي يا طلاق، كلام وخلاص، قلوب بنات، يا مفهومين بالغلط، من شوارعنا، من قلوبنا".
في لبنان حيث وصلت نسبة الطلاق في السنوات الأخيرة الى مرحلة خطيرة، تقابل كل ثلاث حالات زواج حالة طلاق، وللظاهرة موضة بدأت تتبلور أكثر في الملاهي الليلية حيث يلجأ هؤلاء للتعارف وربما للتشارك في الأسباب التي ادت الى الإنفصال.
مظاهر وظواهر يختلف البعض على مدى تأثيرها سلبا او إيجابا على مجتمعنا وشبابنا، يعارضونها ويتظاهرون لوقفها، يوافقون معها او يختلفون، مهما اختلفت الآراء الا انها اصوات موجودة تعبر على طريقتها الخاصة وتجد من يستمع اليها.

No comments:

Post a Comment