الحوادث المدرسية شرّ مستطير .. ذهاباً وإياباً

Tweet It!

المستقبل - الجمعة 8 كانون الثاني 2010 - العدد 3531 - تحقيقات - صفحة 11

  إنقضى الفصل الأول من العام الدراسي، وفيه انشغل الأهل ومعهم إدارات المدارس والوزارات المعنية بالعمل للتصدّي لانفلونزا الخنازير عبر خطط لتحصين جبهة الدفاع عن سلامة براعم الطفولة وفلذات أكبادهم في وجه العدو المجهول.خطط لم تتعدّ الخطوط الوقائية الى التطبيق ولم تغيّر لا من قريب ولا من بعيد في ظروف الصحة المدرسية، التي أقلّ ما يقال فيها إنها مزرية في الكثير منها، ما زاد الطين بلّة واضاف الى الواقع سوءاً على سوئه.
اليوم وبعد ثلاثة أشهر على فتح المدارس أبوابها يعود الحديث عن شبح الحوادث المدرسية الذي يتربص بالأطفال ويذهب ضحيته سنوياً نحو 150 منهم، تُطوى ملفات معظمهم بإرادة "القضاء والقدر". قدر يلاحقهم من باب البيت في باصات لا تتوافر في معظمها أدنى شروط السلامة والأمان وتشكّل المسبّب الأول للحوادث، الى داخل مبنى المدرسة من الملاعب والصفوف والأدراج غير المطابقة للمواصفات العامة، الى المياه غير الصالحة للشرب (بنسبة 88% في البقاع )، والافتقار الى الثقافة الصحية والعيادات والمرشدين لمواجهة حالات الطوارئ، عدا عن غياب التجهيزات اللازمة لمواجهة الحرائق في حال اندلاعها.
وزارة التربية أنجرت قبل عشرة أعوام مشروع الصحة المدرسية الذي صير الى تطبيقه في معظم المدارس الرسمية في العاصمة بيروت فيما بقيت تلك التي في المناطق بعيدة منه، باستثناء أربع مدارس من أصل 18 في مدينة صيدا زوّدت منذ أشهر وبهمّة النائب بهية الحريري بخزانات وفلاتر للمياه ضمن مشروع تزويد المدارس الرسمية بالخزانات والفلاتر. وفيما يعزو المسؤولون قصور التطبيق الى قصور في الموازنة او قصور ادارات المدارس الرسمية عن المتابعة, فإن الخاصة من المدارس لا تبدو افضل حالاً وان عمدت بعضها في المناطق، بالتعاون مع الجمعيات الاهلية والمهتمين بامور الصحة، الى تحسين ظروفها. تحسين بدا بمثل تأمين فلاتر المياه او مطافئ الحرائق الا انها بقيت قاصرة عن استخدامها بوجهها الصحيح ومتابعة الصيانة اللازمة لها ما ابقى الاوضاع على حالها فيها. ازاء هذا الواقع وفيما قطعت مؤسسات اشواطاً في هذا المجال من مثل مؤسسة رفيق الحريري التي تشكل نموذجاً ناجحاً في اطار تحسين الظروف الصحية والبيئية في مدارسها، لا تنقطع لجان متابعة وأبرزها اللجنة اللبنانية للوقاية من الحوادث المدرسية ومعها اللجنة اللبنانية للوقاية من الحرائق وسلامة المباني عن العمل للتحسين ورفع الصوت للتحذير من الخطر الذي يهدّد التلامذة، الا ان لا من يجيب، أفلا يستحق هؤلاء ان يتمتعوا بالصحة والأمان في المدرسة ـ منزلهم الثاني؟


مهمّة الاهل في البحث عن المدرسة المناسبة لأولادهم تبدو شاقة. الكثيرون منهم يسهون عن نقطة أساسية في بحثهم ألا وهي الصحة والسلامة في المدرسة. واذا اختلفت المواصفات وتباينت بين المدارس الخاصة والعامة، غير أن ذلك لا يعني بالضرورة أن كل مدرسة خاصة هي آمنة وكل مدرسة رسمية هي غير صحية. الإثنتان تشتركان في نتائج مؤلمة لا يمكن السكوت عنها. نتائج تتبيّن عنها أرقام الجمعيات الاهلية المتابعة التي تعدّ سنوياً 150 طالباً ضحايا حوادث مدرسية في لبنان مسبّبها الاول هو الباص او الأوتوكار ومن بعده المياه الملوثة والمباني البعيدة من المواصفات العالمية والشروط البيئية والصحية اللازمة لحماية من فيها. مدارس كثيرة وخصوصاً منها تلك المنتسرة في الضواحي، لا تشبه المدرسة إلاّ باسمها او ربما كانت بيتاً او غرفاً معتمة انضمت وبهدف تجاري بحت الى سلسلة المؤسسات التربوية التي تقع عليها مسؤولية بناء الفرد والوطن. أبواب مخلّعة وجدران تنهشها الرطوبة ومواسير يأكلها الصدأ وأدراج أكلت الايام نصفها فبقيت فخوخاً تصطاد الطلاب.لا عيادات ولا مرشدين إجتماعيين، كما أن احتمال اندلاع حريق غير وارد في ذهن إدارات المدارس لذا فإن معظم المباني غير مجهز للمواجهة.

الباص ... في أعلى اللائحة

تزدحم لائحة ضحايا الباصات المدرسية بالاسماء. أطفال أطفئت شمعتهم باكراً جداً بسبب غلطة، او هفوة او مغامرة. محمد، 13 عاما، توفي بعد سقوطه من الحافلة ومثله سماح ابنة الاربع سنوات، ونادين (6 سنوات) اللتان توفيتا نتيجة حادث سير تعرض له الباص وكذلك عمر، 6 سنوات، الذي دهسه الباص بعد نزوله لأن السائق لم يره. الأسماء تختلف والحوادث الأليمة التي تحصل في بعض المدارس وهذا البعض كثير، تتكرّر وتتشابه. واذا كان لا يمكن تعميم الوضع المذري على جميع المدارس، الا انه يمكن القول ان نسبة الباصات المدرسية "الصحيَّة" في لبنان، والتي تنتمي الى المدارس الخاصة، قليلة جدا وهي نفسها تعاني من مشاكل متعدّدة.
ويؤكد عضو الهيئة الإدارية للجنة اللبنانية للوقاية من الحوادث المدرسية "اللاسا" فيكتور عبود، "أن الباص المدرسي هو من أكثر الوسائل أماناً لنقل التلاميذ إذا ما روعيت فيه اسباب السلامة بحذافيرها. وفي هذا الاطار أعدت اللجنة "دليل سلامة الطفل" بقسميه الحوادث المنزلية، والحوادث خارج المنزل وأهمها الحوادث المدرسية وتم توزيعه على المدارس اللبنانية كافة ليكون مرجعا للتوعية حول هذا الموضوع بالاضافة الى افرادها مساحة كبيرة له على موقعها الإلكتروني .www.lassanet.org

الحل بتطبيق القانون
الطريق نحو السلامة إذن يبدأ في تطبيق القانون. معادلة بدأت دول عربية كثيرة العمل بها ومنها قطر وتحديداً في مدرسة زينب الإعدادية التي دشّنت قرية مرورية داخلها لتوعية الطالبات حول حوادث السير ومخاطرها، كذلك الحال في دبي مع صدور قانون في أيلول الفائت ألزم أصحاب الباصات المدرسية بتجهيزها بأحزمة الأمان وحدّد السرعة القصوى لها ب 80 كلم في الساعة.

السلامة والقانون، معادلة تبدو غريبة عمّا هو معمول به في لبنان حيث لا يسري على الباصات المدرسية حتى وضع حزام الأمان الذي لا وجود له أصلاً في معظمها. الى حزام الأمان، تكثر البنود المنصوص عليها في القوانين والتي يتم إغفالها من دون حسيب ولا رقيب. فمن يلتزم مثلاً بما ينص عليه القانون 551 الصادر في تاريخ 29/7/1996 لناحية لزوم وجود مراقب مساعد في كل باص مدرسي لحفظ سلامة التلامذة وتنبيه السائق أثناء نزولهم وصعودهم، كما ضرورة احتواء الباص على بابين للنزول وعلبة إسعاف أولية ومطفأة حريق وتمرين التلاميذ على الهروب في حال وقوعه. هذا بالاضافة الى ضرورة خضوع السائق للفحص الطبي المرافق لرخصة القيادة بشكل دوري، والمعاينة الميكانيكية المستمرة لحالة الباص والصيانة الدورية له، وتغليف الأجزاء المعدنية الداخلية منه بالاسفنج الواقي المناسب حفاظاً على سلامة التلامذة". ويرى عبود انه يجب ترسيخ كل هذه النقاط والمفاهيم وتحويلها واقعاً من خلال "تنظيم حلقات حوار ودورات تدريب للسائقين والمراقبين لتأدية مهامهم على أكمل وجه ومنعهم من التدخين ومن استعمال الخلوي أثناء القيادة والتشدّد في مراعاته للأخلاق في تعامله مع الآخرين".

إمبراطورية الصحة

بعض الأهل لا يلومون ولا يُلامون. لكن بعض الحوادث والحالات في المدارس ،حيث يقضي الاولاد نصف وقتهم واجمل سنين العمر، لا يمكن السكوت عنها ولا يجوز لها ان تنام خصوصاً وان بعض الدراسات أظهرت ان 25% من الحوادث التي يتعرّض لها الأطفال في لبنان هي حوادث مدرسية. الجهات الرسمية المتمثلة بوزارة التربية والتعليم العالي لم تقف مكتوفة اليدين اذ بادرت ومنذ عشرة اعوام الى العمل للحدّ من هذه الحوادث من خلال مشروع الصحة المدرسية إلاّ انه لم يصر الى تطبيقه في معظم المدارس حتى اليوم . ويشرح مدير مديرية الإرشاد والتوجيه جان حايك عن "الإمبراطورية الكبيرة في الوزارة وهي مشروع الصحة المدرسية الذي استطعنا القيام به من دون إمكانيات مادية تذكر". وهذا البرنامج الذي تمّ باتفاق ثلاثي بين وزارة الصحة والمديرية ومنظمة الصحة العالمية تم بموجبه تفعيل مستوصفات طبية لكافة المدارس الرسمية. ويضيف حايك :" عقدت إتفاقات مع نقابات الأطباء وأطباء الأسنان لزيارة المدارس وفحص التلامذة وهو ما يسمى بالطب الوقائي بهدف اكتشاف الأمراض باكرا".
لكن إذا ما ألغيت بيروت من المعادلة تبقى معظم المدارس في المناطق تفتقر الى الثقافة الصحية في ظلّ غياب المستوصفات عنها وزيارة الأطباء لها. ويبرّر حايك هذا الوضع "بتقصير الإدارات التي لا تتصل بالطبيب طالبة الزيارة".
أما بالنسبة الى الممرضة التي يفترض ان تكون حاضرة في كل مدرسة تنبهاً لأي حادث طارئ فقد تمّ استبدالها "بإلزامية وجود مرشد صحي في كل مدرسة اذ ان الوزارة لا يمكن ان تتحمّل تكاليف ممرضة في 1500 مدرسة". وبدوره فان المرشد الصحي وبدلاً من ان يكون اختصاصياً ولعدم توافر الموازنة اللازمة ايضاً تم استبداله بأستاذ من المدرسة يكلّف بهذه المهمة ويخضع لدورات تدريبية وتكون مهامه وضع ملفات صحية للتلاميذ كافة وتدوين الغياب ما ساهم في إضاعة الطاسة في الحوادث المدرسية التي يصنّف معظمها ضمن خانة "القضاء والقدر"، هذا إذا صرحت المدرسة أصلاً عن وقوعها تحسباً للعقاب او خوفاً على صيتها.
وكما إدارة المدرسة يتحمل الاهل المسؤولية بالتساوي معها لما يمثلون من ثقل وقوة عبر لجان الاهل لجهة إمكانية حثهم الادارة على تحسين المدرسة والبيئة الصحية فيها لتحقيق خير ابنائهم. ويقترح عبود انه يمكن تحقيق ذلك من "خلال اعتماد الحوافز المادية أو المعنوية الدورية لأفضل سائق ومعاقبة السائقين المخالفين للقانون.

داخل المدرسة

في ذلك اليوم المشرق الجميل لم تعرف رنا ابنة السنوات العشر أن وراء ذلك الجدار الصغير الذي تتكىء عليه لترتاح من سباق الركض مع اصدقائها ، يتربّص شبح الموت. إشارات التنبيه الى الهدم لمنع الطلاب من الإقتراب لم توضع في ذلك اليوم. لربما لعب القدر لعبته فكانت الضربة الهادمة الأولى من يد العامل من وراء الحائط الضربة القاضية . ليس بعيداً من ذلك اليوم الأسود لاقت رنين المصير ذاته بعدما وقعت على سياج حديد أثناء فرصة الساعة العاشرة في الملعب.القصتان ليستا من نسج الخيال وإن كانت الأسماء مستعارة، وهما نماذج عن أطفال هدّد المبنى المدرسي حياتهم لعدم مراعاة شروط السلامة العامة في بنائه في المرحلة الأولى وصيانته الدورية. الحوادث المدرسية من هذا النوع كثيرة،وبحسب احصاءات اللجنة اللبنانية للوقاية منها يعود السبب الأول فيها الى طبيعة هندسة المباني ومحيطها وهي تقع بنسبة 10% منها داخل الصف وعلى الدرج و30% منها اثناء الحصص الرياضية و50% في الملعب.
ويشدّد نائب رئيس اللجنة اللبنانية للوقاية من الحرائق وسلامة المباني سمير شدياق (www.lfpc.org)على ضرورة تجهيز المباني المدرسية بأجهزة إنذار ومطافئ الحريق تلافياً لأية نتائج خطيرة في حال اندلاع حريق مفاجئ في المدرسة. ويسأل: "لماذا ننتظر في لبنان وقوع المصيبة حتى نأخذ الإجراءات اللازمة". ويعتبر ان "الصيانة الوقائية من اهم الخطوات التي يجب اتخاذها على صعيد الأفراد والمؤسسات والدولة. باشرت مدارس لا تتجاوز عدد أصابع اليد وبمبادرة فردية بتخصيص حصّة اسبوعية للتوعية حول الوقاية من الحوادث المدرسية . وقد قامت اللجنة في السنة الماضية بتوزيع مطافئ حريق على اكثر من 500 مدرسة رسمية وخاصة . وفي المدارس الخاصة المجهزة بسبل وقائية من الحرائق تفاجأت بأن الأبواب المخصصة للخروج مقفلة تماماً، ففي حال اندلاع حريق تتحوّل المدرسة الى سجن".
وتشكل مواصفات التصميم الهندسي للصف وتوافر شروط السلامة والراحة فيه عاملاً أساسياً في حماية التلاميذ وقدرتهم على الاستيعاب، ومنها ان يتناسب مثلا حجم الصف والمقاعد مع عدد التلاميذ وأعمارهم، وأن لا تكون الجدران خشنة ووصلات الكهرباء مكشوفة. وكما الصف كذلك يجب ان تكون الملاعب مجهزة بمادة ترابية خاصة حتى لا يتهشم التلميذ عند الوقوع على الأرض.

تلوّث...جرثومي
لا تنحصر مشاكل المدارس في لبنان بالحوادث او بسلامة المباني التي تشكل خطرا على التلاميذ اذ تتعداها الى الحاجات الأساسية ولعلّ المياه من أكثر المشاكل إلحاحاً فيها. الكلّ يعترف ويقرّ بوجود مشكلة حقيقية وكبيرة في المياه الجوفية اللبنانية، وفي هذا الاطار تشير الدراسات الى ان 70% منها غير صالحة للشرب. ولتلافي مفاعيل هذا الامر يعتمد معظم الاهالي خطة وقائية تتلخص بـ"مطرات المياه"، ولكن من يضمن التزام الاطفال بعدم الشرب من مياه المدرسة. ويكشف مدير كلية الصحة في الجامعة اللبنانية ـ البقاع الدكتور رائد عز الدين عن نتائج الدراسة التي قام بها عدد من طلاب الكلية حول سلامة ونوعية المياه في المدارس الرسمية والخاصة في البقاع والتي خلصت الى ان 88% منها غير صالحة للشرب مع العلم ان معظم التلاميذ يستعملونها يومياً. النتائج ليست بجديدة فمنذ خمس سنوات تتكرر الدراسة نفسها في الكلية ومعها تتكرّر النتائج عينها. ويرى عز الدين "ضرورة اعلان حالة الطوارئ، ففي البقاع يشرب الأطفال مع المياه ما يمكن أن يصل إلى 240 ملليغراماً من النيترات في الليتر الواحد، في حين انه وبحسب منظمة الصحة العالمية يجب أن لا تتجاوز هذه المادة العشرة ملليغرامات لتصنف المياه انها صالحة للاستهلاك من قبل الأطفال.


وتدلّ نتائج الفحوص المخبرية التي أجريت في الكلية على وجود تلوث جرثومي وكيميائي في مياه المدارس وهو أمر مشترك بين المدارس التي تؤمن حاجياتها الاستهلاكية من المياه عبر شبكات مياه الشفة العائدة للدولة اللبنانية وتلك التي تعتمد على الآبار الإرتوازية. وبحسب عز الدين "تعترف إدارات المدارس بأنها لا تقوم بفحص دوري للمياه ولا تنظف الخزانات.بعضها لا يتجاوز عدده عدد اصابع اليد الواحدة وضع فلاتر ظناً منه أنه بذلك يحدّ من المشكلة الاّ انه لا يعرف كيفية استخدامها ولا يقوم بصيانتها".

مبادرات
في الوقت الذي تقبع فيه تلك المناطق تحت عنوان المناطق المحرومة حتى من أدنى الحقوق الأساسية، تشهد مناطق أخرى لفتة صحية وهي ولو أتت متأخرة بعض الشيئ إلاّ انها خير من ألاّ تأتي ابداً. وفي هذا الإطار قامت النائب بهية الحريري في الأشهر الماضية وأثناء تولّيها وزارة التربية والتعليم العالي بتدشين المرحلة الأولى من مشروع تزويد عدد من مدارس صيدا الرسمية بخزانات وفلاتر وأنابيب وحنفيات لترشيد استخدام مياه الشرب والذي ينفذه نادي روتاري صيدا بالتعاون مع عدد من أندية الروتاري في لبنان. وشملت المرحلة الأولى 4 مدارس من أصل 18 مدرسة رسمية في صيدا يشملها المشروع الذي تبلغ كلفته نحو35700 دولار أميركي.
وفي الإطار نفسه تنشط مؤسسة الحريري بمشروع الصحة المدرسية الذي بدأته منذ العام 2000، وتشرح مديرة الخدمات الصحية الإجتماعية في المؤسسة رانيا الزعتري عن فريق العمل المتكامل الذي يضم اطباء وممرضات ومرشدات اجتماعيات ويقوم بالكشف الصحي الكامل والكشف على الأسنان ومراقبة اللقاحات والبيئة المدرسية .كذلك ينظم جدول عمل تثقيفي وتوعوي للهيئة التعليمية ولجان الأهل والتلاميذ ،بالاضافة الى دورات تدريبية حول الوقاية من الحوادث المدرسية". ويشكّل المشروع نموذجاً عن الصورة التي أرادها الرئيس الشهيد رفيق الحريري حول التكامل في الخدمات الصحية على صعيد لبنان، وهو يغطي كل المدارس المحيطة بمراكز المؤسسة ومن خلاله يحصل الطالب مقابل 20 دولاراً على بطاقة صحية سنوية تخوّله الدخول الى جميع المراكز الصحية التابعة للمؤسسة. وتشرح الزعتري "انه يمتاز بمتابعته التلميذ حتى تخرجه ورفع ملفه الى طبيب العائلة والأهل وتوافر العيادات المتنقلة لزيارة المدارس غير المجهّزة بالعيادات".

أجيالنا
الدور الذي تغيب عنه الجهات الرسمية المتخصّصة بسبب الأزمات المالية أخذته بعض الجمعيات على عاتقها ولعلّ أبرزها جمعية أجيالنا، التي خطت منذ 14 سنة الخطوة الأولى نحو الصحة المدرسية. وتقول إستشاري الصحة المدرسية في الجمعية الدكتورة سناء سنّو "نحن نعرف وضع البلد ونلتفت الى الجهة المحتاجة التي هي طبعاَ المدرسة الرسمية".
يشمل مشروع الصحة المدرسية ما يزيد عن 16 الف تلميذ في 64 مدرسة رسمية ابتدائية في بيروت، وطرابلس وإقليم الخروب عبر 7 عيادات مدرسية بينها اثنتان للاسنان وأخريان متنقلتان ومركزان صحيان. ويقوم الفريق الطبي بالفحص الشامل والمعالجة الفورية وصرف الدواء المناسب وتوزيع الأدوية. هذا وقد إكتشفت حالات مرضية كثيرة ومنتشرة. وتجدر الإشارة الى ان أجيالنا تغطي جميع تكاليف الفحص والعلاج مجاناً كما لديها صندوق خاص لدعم العمليات الجراحية حيث تغطي 40 عملية جراحية في الشهر الواحد. هذا وتقوم الجمعية ببرامج توعية وتثقيف وحلقات حوار لتحسين وضع المدارس الذي تصفه سنّو "بالمزري في بعض الأحيان". ومهما تكن الكلفة المادية كبيرة تبقى أقل بكثير من قيمة الانسان الذي لا يمكن أن يثمن.
"صحة المجتمع الياباني" من صحة مدارسه
ضمان سلامة الاطفال هو ضمان سلامة المجتمع، شعار جميل إلاّ انه ما زال شبه غائب في كثير من المرافق في لبنان خصوصاً منها المؤسسات التعليمية، وإن ظهرت بعض المحاولات للمضي به إلاّ انها تبقى قاصرة وغير فاعلة. وفيما كان المجتمع اللبناني بكل فئاته يتخبّط في صراعات الحرب المدمّرة بدأت اليابان منذ العام 1973 بفحوص الغربلة الجماعية الإجبارية لإكتشاف امراض القلب والكلى في المدارس. في العام 1989 أضيف برنامج فحص الأسنان وإكتشاف عيوب العمود الفقري ومكافحة الأمراض المعدية وتفقد البيئة المدرسية التي تشمل التأكد من صلاحية مياه الشرب والصرف الصحي مع إجراء التطهير والتعقيم. السيطرة على حوادث المرور وضوضاء الشارع وتلوث الهواء. كما أدخلت التغذية الى المدرسة في العام 1889 ويستفيد منها 99.5 %من التلاميذ. فكانت النتيجة ان برامج الصحة المدرسية ساعدت على تحسين صحة المجتمع الياباني. وليس بعيدا منا وفي الأردن تحديدا أطلقت الملكة رانيا مبادرة "مدرستي" التي تسعى لتأهيل اكثر من 500 مدرسة على مستوى المملكة وهدفها التعليم في بيئة صحية. وفازت المدارس التي صنفت صحية بجوائز قيمة ولقب المدرسة الصحية.
.

No comments:

Post a Comment